عقوبة التحريض على القتل في القانون المصري من المادة 171 و172

شاهدنا في المدّة الأخيرة قيام البعض بالتحريض على ارتكاب بعض الجرائم الخاضعة لقانون العقوبات من بينها القتل ومن حيث إن المساهمة الجنائية التبعية للشريك في ارتكاب هذه الجرائم وغيرها ، تتحقق بإحدى الطرق من بينها (التحريض)، وفقاً لما نصت عليه المادة 40 من قانون العقوبات على أنه يعد شريكا في الجريمة: 

أولًا: كل من حرض علي ارتكاب الفعل المسبب لهذه الجريمة إذا كان هذا الفعل قد وقع بناء على هذا التحريض. 

ثانيًا من اتفق مع غَيْرَة على ارتكاب الجريمة فتمت بناء على هذا الاتفاق

ثالثاً: من أعطي الفاعل أو الفاعلين سلاحًا أو أدوات أو أي شيء أخر مما استخدم في ارتكاب الجريمة مع علمه بها أو ساعدهم بأي طريقة أخري في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها. 

تعريف التحريض

عقوبة التحريض على القتل في القانون المصري
عقوبة التحريض على القتل في القانون المصري

 التحريض هو أمر غاية في الخطورة، لأنه يتمثل في بث التصميم أو إرهاب شخص أو تعزيز رغبة الجاني وتشجيعه إلى ارتكاب الجريمة وازراها إلى حيز الوجود أو دفع شخص أو عدة أشخاص بأي وسيلة كانت، بهدف تنفيذ الجريمة. 

 فالمحرض هو من يسهل ارتكاب جريمة ما عن طريق تحريض الجاني على ارتكابها مستخدما وسيلة معينة.

ويستوي هنا أن يكون التحريض مباشرا أو غير مباشر، موجه لشخص بعينه، أو تحريض عام موجه إلى مجموعة غير مسبوقة من الأشخاص. 

بشرط أن تكون الجريمة التي تم التحريض على ارتكابها يعاقب عليها قانوناً. 

كما يتعين لمعاقبة مرتكبي  هذه الجرائم  أن تكون الجريمة تنطبق عليها عموما جميع شروط تواجد أركان الجريمة أي عنصريها المادي، والمعنوي وأن يتوافر الركنين معًا. 

نشيد بموقف القانون المصري للتصدي أمام الجرائم التي تمس أمن المواطنين ولو من بعيد، كجنحة الضرب مثلًا والنصب وكذلك السب.

أركان التحريض في القانون المصري :

1– العنصر المادي “التحريض على ارتكاب الجريمة” 

يسمى هذا العنصر في القانون actus reus، أن يكون مرتكب الجريمة قد قام فعلا بالاتصال بشخص أو عدة أشخاص آخرين، و حاول التأثير على عقولهم لكي يرتكبوا جريمة معينة. 

ولا يكفى إرسال المتهم خطاب لشخص آخر يحرضه فيه على ارتكاب جريمة بل يجب إثبات أنه كانت هناك مناقشات في هذا الحدث أي أنه كانت لدى الشخص الآخر الفرصة للموافقة أو غير ذلك.

ويعدّ الجزء المادي من هذه الجريمة قد تحقق سواء اقتنع الشخص الآخر ووافق على ارتكاب الجريمة أم لم يوافق.

2– العنصر المعنوي “التحريض على ارتكاب الجريمة”:

 يجب توافر النية و العزم لدى المحرض على جذب من حرضهم للقيام بعمل غير مشروع. 

كما يجب أن يكون المحرض عالم بمعنى كلماته وعباراته ومدى تأثيرها على الشخص الموجهة إليه.

الشروط التي يجب أن تتوافر لكى يعدّ التحريض “جريمة” 

  • التحريض الذي يعاقب عليه هو ارتكاب جريمة محددة يعاقب عليها القانون.
  • التحريض قد يكون مباشر أو قد يكون غير مباشر، لكن ‘ثبات التحريض الغير المباشر يكاد يكون مستحيلا. 

لأن الاتهام سوف يفشل في وِجدان الرابطة السببية بين المتهم و الجريمة التي ارتكبها، أو حاول ارتكابها الشخص الذي تم تحريضه.

  • التحريض العام أي يمكن أن يوجه التحريض إلى جماعة غير محدودة من الناس وان يكون تحريض علني. 

كأن يعلن شخص أنه سيعطى من يتقدم سلاحا لكى يستعمله لقتل أعداء له في الدين أو السياسة، أو في المنافسة التجارية.

  • التحريض الخاص الفردي أي خاص بشخص معين مثال “كان يحرض سعيد صديقه أحمد ليقتل عدوهم عبد السلام” فهذا تحريض خاص موجه لفرد معين.
  • يجب أن يكون التحريض مؤثر ومن شأنه تحقيق هدفه.

وسائل التحريض كثيرة قد تكون أموال أوهدية أو تهديد أو حيلة أو خدعة أو صرف نفوذ أو سوء استعمال للسلطة.

عقوبة التحريض على القتل في مصر

عقوبة التحريض على القتل في القانون المصري
عقوبة التحريض على القتل في القانون المصري

ونظراً لخطورة ذلك فقد نص المشرع في الباب الرابع عشر من القانون : 

أولًا 

المادة 171 المعدلة بالقانون رَقَم 147 لسنة 2006 على أن: 

كل من حرض واحدا أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو جهر به علنًا أو بفعل أو إشارة صدر منه علناً أو بكتابة أو رسوم أو صور أو رموز أو بأي شكل آخر غير ذلك من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية طريقة أخري من وسائل العلانية

 يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة فعلًا.

ثانيًا 

أما إذا ترتب علي التحريض مجرد الشروع في الجريمة و يطبق القاضي أحكام القانون في العقاب علي الشروع.

 ويعدّ القول أو الجهر به علنيا أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفِل عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطرق أو المكان أو إذا أذيع بواسطة اللاسلكي أو بأية طريقة غير ذلك. 

ويكون الفعل أو الإشارة علنيا إذا وقع في محفِل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان. 

ويعدّ الكتابة والرسوم والصور والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز علي عدد من الأشخاص أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا عرضت للبيع في أي مكان.

ثالثًا 

تنص المادة 172 من نفس القانون والمعدلة بالقانون رَقَم 93 لسنة 1995 ثم بالقانون رَقَم 95 لسنة 1996 على أن:

 (كل من حرض قاصدًا على ارتكاب جنايات القتل بواسطة إحدى الطرق المنصوص عليها في المادة السابقة ولم يترتب على تحريضه أية نتيجة يعاقب بالحبس).

كذلك في المادة 174 المعدلة بالقانون رَقْم 93 لسنة 1995 على أن:

 يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمس آلاف جنيه ولا تزيد علي عشرة آلاف جنيه كل من ارتكب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها فعلا ًمن الأفعال الآتية :

رابعًا 

يعاقب بنفس العقوبات كل من شجع بِطْرِيق المساعدة المادية أو المالية علي ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها دون أن يكون قاصدًا الاشتراك قاصدًا في ارتكابها. 

وبالنص أيضاً في المادة 176المستبدلة بالقانون رَقْم 147 لسنة 2006 على أن:

(يعاقب بالحبس كل من حرض بإحدى الطرق السالف ذكرها على التمييز ضد طائفة من طوائف الشعب بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الديانة و العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام).

وأضاف القانون أن من حرض على جريمة فعليه عقوبتها، إلا ما استثني قانونا بنص خاص، 

ومع هذا لا تأثير على الشريك من الأحوال الخاصة بالفاعل الذي تقتضي تغيير وصف الفعل إذا كان الشريك غير عالم بتلك الأحوال وإذا تغير وصف الجريمة نظرا إلى قصد الفاعل منها أو كيفية علمه بها،

 يعاقب الشريك بالعقوبة التي يستحقها لو كان قصد الفاعل من الجريمة أو علمه بها كقصد الشريك منها أو علمه بها.

وإذا كان فاعل الجريمة غير معاقب لسبب من أسباب الإباحة أو لعدم وجود القصد الجنائي أو لأسباب أخرى خاصة به وجبت مع تلك معاقبة الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانونا.

خامسًا 

من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها ولو كانت غير الذي تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت فعلًا نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التي حصلت وإذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء في الغرامات التي يحكم بها على كل منهم بمفرده خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الإلزام بها ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك.

ونلاحظ أخيرا أن:

  • التحريض جريمة مستقلة بحد ذاتها أي يسال المحرض سواء نجح التحريض أم لا.
  •  لا جدوى من رجوع المحرض عما حرض عليه.
  • لا شروع في التحريض إن لم يكن مباشر.
  • التحريض على الجناية يعاقب عليه أقسى من التحريض على الجنح والمخالفة.
  • يتعرض المحرض لنفس عقوبة الجريمة التي أراد أن تقترف.
  • يعامل المحرض كما لوكان منفذ الجريمة.

كما وجد في معظم التشريعات أن القانون يعتبر وضع المحرض في بعض الحالات أسوأ من وضع الفاعل، والغاية من ذلك هو الردع وأن تكون العقوبات وقائية هدفها النظام العام وحماية المجتمع.

عن advice

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *